آخر الأحداث والمستجدات
أزمة الثقة في مجلس جماعة مكناس، ودورة فبراير الساخنة
تعيش مدينة مكناس أزمة ثقة حادة في ممثليها السياسيين. فقد بات انحسار الثقة في مجلس جماعة مكناس يزيد مستواه من دورة لأخرى، وبات الوضع مميتا في التعاطي مع الفاعل والفعل السياسي المحلي. فتلك الخلافات داخل مكونات المجلس باتت مسرطنة بتناقضات (داخلية وخارجية)، وحتما قد لا تنتهي بحلول تصالحية لصالح المدينة، بل قد تنفك نسبيا بتقسيطات انتهازية لا تخدم الشأن العام المحلي.
فانقسامات مجلس جماعة مكناس يتغذى بشكل متعمد من خارج القصر البلدي بحمرية (الكفيل السياسي الكبير)، وتدار الحلول الممكنة في المقاهي، وفي ظلمة الليل الذي يُخفي ظل التضليل، والقفز عن المشاكل بإحضار عدد (31) عضوا يوم الدورة لرفع أيدي الأغلبية، وكفى (السياسة شر التناحر) والمدينة سكينة مريحة. من التدبير غير العقلاني للسياسة بمكناس بأن المدينة تعيش في انتظارية مميتة (غرفة الانعاش) لحظتها (يتمخض الجبل والمولود فأرا قزما من التنمية البخسة). نعم، في اجتماعات المقاهي علانية تداس الديمقراطية بمكناس عبر تكتلات صغرى ولوبيات تتقوى من الفساد والحلول المَعْقُودَةُ، فيما المدينة لم تقدر على كف هذا الهجوم على الديمقراطية التمثيلية ومطالبة السياسيين بالوفاء لتعهداتهم تجاه مكناس، أو الانسحاب بكرامة وقلب (الطرحة).
المشكلة الكبرى ليس في مشاكل المجلس التي لا تنتهي البتة، بل في أزمة ثقة التي تنمو مثل الفِطْرِ بأحكام فردية (شخصية) وجماعية من عموم مواطني المدينة بقول: (مَادَارُو وَالُو، وما يديروا حتى زَفْتَة)، هي النهاية المأساوية للعبة السياسية بالمدينة مستقبلا !! فالتحدي الخطير ليس في المصالحة الداخلية بين أعضاء المجلس (الإخوة الأعداء)، بل في بناء جهود متتالية لأجل بناء الثقة في الفعل السياسي والأداء الرشيد ما بعد هذا المجلس العقيم.
مكناس (لا هي مطلقة ولا هي مخطوبة)، وضعية لا تحسد عليها إطلاقا في ضياع الزمن السياسي والتنموي، في ضياع جهد الدولة على إرساء التدبير المحلي بالاستقلالية الممكنة. وضعية بئيسة تنام فيها المدينة بالصمت وسكوت (الميت) مابين الدورات ثم لحظتها تستيقظ للغو (الطواحين الهوائية)عند كل موعد دورة. فمن العوامل الرئيسية المساهمة في هذه الوضعية الشاذة غياب الحكامة في تدبير الشأن المحلي، وسوء الاختيارات الأولى. غياب التواصل الفعال في اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة والتي أربكت السير العادي للمجلس. غياب الشفافية التامة في تعرية واقع المجلس، والحد من سيولة الضعف الذي يعانيه ولا يزال يغذيه البوليميك (الخاوي).
فالثقة بالمؤسسات الدستورية تلزم استحضار الحكامة، بارتباطها السليم مع المساءلة والمحاسبة. فخدمة ناس المدينة ليس هو بالتشريف، بل هو في التكليف الطوعي الاختياري لكل عضو بالمجلس أمام الساكنة والدولة والله. فمجلس مكناس يحتل الصف الأول منفردا بالمغرب باعتباره جماعة تعمل بمسطرة الفوضى الخلاقة للنزاعات والصدامات، لا المنجزات التنموية.
أقول الحق والحق أقول: فَقَدْ فَقَدَ المجلس حتما تلك المصداقية التمثيلية، وبات التراشق والتحريض بين الأعضاء على المؤسسة المنتخبة ذاتها. قد نستعمل ما لدينا من غباء في الفهم ومن حشد الخيال والتكهنات ونقول: قد أخفقنا في اختيار شعار برنامج عمل الجماعة 2027/2022 (معا نستطيع إنجاز الكثير) فقد تفرق القوم شيعا وقبائل في (معا)، وبات كل واحد من الأعضاء يترافع عن احتياجاته وغروره السياسي (إنجاز)، ناسيا ومتناسيا أنه يمثل مدينة تاريخية، يمثل ساكنة أكسبته الثقة في تحمل المسؤوليات.
الكاتب : | متابعة للشأن المحلي بمكناس محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2023-02-04 18:57:11 |